لماذا يرسل 6 من كلّ 10 مديرين رسائل بعد الدوام وكأن الموظف آلة؟
هل أغلقت الحاسوب اليوم وأنت تهمس لنفسك: أخيراً انتهى العمل؟ ثم فجأة، رنّ الهاتف، أو ظهرت إشعارات البريد من مديرك؟ وكأن نهاية الدوام مجرد فاصل بين مهمتين. لماذا يحدث ذلك؟ ولماذا يعتقد البعض أن الموظف متاح على مدار الساعة؟ في هذه الأسطر نفتح النافذة على ثقافة خفية تُرهق الموظف بصمت: ثقافة التواصل المستمر وكأن لا أحدَ يملك حياة خارج المكتب. لماذا يفعلها المدير؟ ولماذا يصمت الموظف؟ يوضّح كلّ ذلك الخبير في مجال التنمية الذاتية، الدكتور صهيب عماد.
لأن البعض يربط الالتزام المهني بالاستجابة الدائمة
هناك عقلية منتشرة في كثير من الإدارات، ترى أن الموظف الجيد هو الموظف المتوفر دوماً، سواء في الدوام أو بعده. في هذه النظرة، لا يُحتسب وقت الراحة كحق؛ بل كترف. ولهذا، حين يتأخر المدير في الرد على إيميل خلال النهار، يعوّضه برسالة ليلية، وكأن العالم لم يتوقف بعد الساعة الخامسة. من هنا تظهر ثلاثة مؤشرات: أولها أن معيار الجودة المهني بات يُقاس بسرعة الرد لا جودة العمل، وثانيها أن الموظف الذي يحمي وقته، يُوصم ضمناً بأنه أقل التزاماً، وثالثها أن ثقافة الاستجابة الفورية، باتت تُقدَّس على حساب الصحة النفسية.
إقرأ أيضا:لماذا يختار الموظفون السكوت بدلاً من المواجهة؟الفرق بين المرونة والتمادي
في بيئات العمل الحديثة، كثيراً ما يُحتفى بالمرونة: لا حاجة لوقت محدد، ننجز المهام وقتما نستطيع، لكن ما يحدث فعلياً أن بعض المديرين يستغلّون هذه المرونة لإزاحة الحدود تماماً. فيتحوّل وقت الموظف الشخصي إلى ساحة مفتوحة للمهمات الطارئة، والمراسلات السريعة، وحتى الطلبات المفاجئة. يتلاشى الفرق بين وقت العمل ووقت الحياة.
قلق الإنتاجية
كثير من المديرين ليسوا متسلطين؛ بل قلقون. يخافون من التأخير، يشعرون بالضغط، يخشَون أن تُنسى المهام؛ فيرسلون الرسائل حتى يطمئنوا أنهم أنجزوا. لكن حين يُرسل المدير رسالة بعد منتصف الليل؛ فهو لا يُطمئن الموظف؛ بل يُربكه. يتسلل القلق من الأعلى للأسفل، وتتشكل ثلاث نتائج مزعجة: أولها أن الموظف يبدأ في ربط الليل بالضغط لا بالراحة، وثانيها أنه يشعر بأن عليه مراقبة هاتفه طوال الوقت، وثالثها أنه يستهلك طاقته في القلق بدل التركيز في ساعات العمل الفعلية.
الموظف نفسه لا يضع حدوداً واضحة
في كثير من الحالات، المدير يتمادى لأن الموظف لا يقول “لا”. يردّ بلطف، يتفاعل حتى ولو شعر بالضيق، ينجز المهمة حتى ولو أرهقته. هذا الصمت المهني يخلق انطباعاً بأن كلّ شيء مقبول. من هنا، تترسخ ثلاث مشكلات: أولها أن المدير يتعوّد على التوفُّر المجاني، وثانيها أن الموظف يُستنزف تدريجياً من دون أن ينتبه، وثالثها أن ثقافة الفريق تصبح قائمة على التضحية الصامتة بدل الحقوق العادلة.
إقرأ أيضا:4 أخطاء خفيّة تحوّل عميلك إلى خصم وحلول ذكية تُعيد الاحترام فوراًلأننا لم نتعلم أن الانفصال عن العمل إنتاجية أيضاً
في كثير من بيئات العمل، لم تُغرس بعدُ فكرة أن الراحة جزء من الكفاءة، وأن الانفصال عن المهام مؤقتاً هو ما يُعيد الشغف والفعالية. ولهذا، حين لا يردّ الموظف على رسالة ليلية، يُتهم بالتقصير لا بالوعي. ينسى المدير أو يتناسى أن الدماغ يحتاج للهدوء كي يُبدع، وأن النوم ليس رفاهية؛ بل استثمار في الغد. وبهذا يغيب عن المؤسسة ثلاثة مفاهيم محورية: أن العمل يجب أن يتوقف كي يبدأ بقوة، وأن الموظف ليس آلة بل كائن شعوري، وأن القائد الحقيقي لا يقيس الانتماء بعدد إشعارات منتصف الليل.
إقرأ أيضا:4 أسباب تجعل موظف الأرشيف يعرف أسرار الشركة أكثر من المدير
تابعنا
لمتابعة صفحتنا على الفيس بوك هنا
لمتابعة صفحتنا على انستجرام هنا
لمتابعة صفحتنا على اكس هنا
لمتابعة صفحتنا على واتس اب هنا
لمتابعة صفحتنا على ثريدز هنا
لمتابعة صفحتنا على لينكد هنا
لمتابعة صفحتنا على pinterest هنا