انت والعمل

الخندق الاقتصادي: درع استثماري يحمي أعمالك

الخندق الاقتصادي: درع استثماري يحمي أعمالك

 

“الخندق الاقتصادي Economic Moat ” مصطلح مستوحى من الخنادق المائية، التي كانت تحفر لحماية القلاع في العصور السابقة، اشتهر في العصر الحديث بفضل وارن بافيت، أحد أنجح المستثمرين ورجال الأعمال في العالم، والذي استخدمه في العديد من الخطابات، ومثل جزءاً أساسياً من فلسفته الاستثمارية؛ إذ أشار في رسالة وجهها إلى المساهمين في شركته “بيركشاير هاثاواي”، عام 2007، إلى أن: “أي شركة ناجحة يجب أن تتمتع بحق إنشاء خندق متين يضمن عوائد ممتازة على رأس المال المستثمر. فديناميكيات الرأسمالية تتيح للمنافسين مهاجمة أي “قلعة” تجارية تحقق عوائد مرتفعة، وبشكل متكرر”.
فما هو مصطلح الخندق الاقتصادي؟ وما الذي يعنيه في عالم الأعمال؟ وما أهميته للمستثمرين وأصحاب المشاريع والشركات؟

 

ما هو مصطلح الخندق الاقتصادي؟

وفق شرح مفصل أورده موقع Investopedia المختص بالمقالات الاقتصادية والتقارير المتعلقة بعالم الأعمال، يشير مصطلح “الخندق الاقتصادي” إلى “قدرة الشركة على الحفاظ على ميزة تنافسية على منافسيها، والحفاظ على هيمنتها على السوق عاماً بعد عام، وذلك من خلال الاستفادة من حجمها، وأصولها غير الملموسة، وانخفاض تكاليفها، وارتفاع تكاليف التحول وغير ذلك”.
ويؤكد الموقع، عبر المقال الذي كتبه المحرر والأستاذ الجامعي بيتر غراتون، الذي يتمتع بخبرة تزيد على 20 عاماً في الاستثمار وإدارة المخاطر والسياسات العامة، أن: “الخندق الاقتصادي ليس مجرد ميزة تنافسية عابرة، بل هو ميزة مستدامة تُمكّن الشركة من التفوق على منافسيها على مدى المدى البعيد”.

إقرأ أيضا:هل موظف خدمة العملاء هو الأكثر صمتاً والأكثر غضباً؟.. 4 أشياء يعيشها ولا يبوح بها

 

كيفية إنشاء خندق اقتصادي

يوضح غراتون عبر مقاله بعض الطرق النموذجية التي تُشكل بها الشركات خندقاً اقتصادياً، وهي:

الميزة السعرية

تقديم الشركة مُنتجاً منخفض التكلفة، يمنحها قوة تسعيرية وهوامش ربح أعلى محتملة، ويمكنها إما من خفض أسعار المنافسين أو الحفاظ على هوامش ربح أعلى.

قوة العلامة التجارية

“المكانة القوية في ذهن المستهلك” تُحقق ولاءً لدى العملاء. غالباً ما يختار المستهلكون المنتجات ذات العلامات التجارية على البدائل العامة، حتى لو كانت أسعارها مرتفعة. يُمثل هذا الولاء حصناً للعلامة التجارية، مما يُصعّب على الشركات الجديدة ترسيخ مكانتها في السوق.

خدمة تُولّد الولاء

تبني بعض الشركات خنادقها من خلال خدمة عملاء متميزة، والتي تكسبها سمعة طيبة تضمن عودة العملاء إليها دوماً.

الميزة التكنولوجية

يمكن للتكنولوجيا أن تُشكّل خندقاً اقتصادياً كبيراً، فالوصول إلى البيانات الخاصة، والخوارزميات المتقدمة، والبنية التحتية التكنولوجية العميقة، يمكن أن يُنشئ ميزة قوية وقابلة للدفاع.

الأصول غير الملموسة

عندما يتعلق الأمر بكيفية تعزيز الشركات المختلفة لأعمالها، فالعديد منها يفعل ذلك بأصول غير ملموسة، مثل براءات الاختراع والعلامات التجارية والتراخيص التنظيمية. تُمثل براءة الاختراع خندقاً قانونياً، يمنع المنافسين من إنتاج المنتج نفسه لفترة محددة. ويتيح هذا الحصر للشركة استرداد تكاليف البحث والتطوير، وتحقيق أرباح كبيرة قبل دخول البدائل العامة إلى السوق.

إقرأ أيضا:ما هي 4 مهن لا تحتمل الغياب عنها يوماً واحداً؟

الاستفادة من حجم الشركة

قد يُشكّل الحجم الكبير للشركة، في حد ذاته، حصناً اقتصادياً لها، إذ يُمكنها من إنتاج المزيد من وحدات السلعة أو الخدمة على نطاق أوسع بتكاليف أقل. وهذا يُقلل أيضاً من التكاليف العامة في التمويل والإعلان والإنتاج، إلخ. تميل الشركات الكبيرة التي تتنافس في قطاع مُعين إلى الهيمنة على حصة السوق الأساسية لتلك الصناعة، بينما تُجبر الشركات الأصغر حجماً إما على مغادرة القطاع أو شغل أدوار “متخصصة” أصغر.

تكاليف التحول

كون الشركة رائدة في السوق يمنحها مزايا أخرى، فعندما تتمكن الشركة من ترسيخ مكانتها في قطاع مُعين، قد يتعرض الموردون والعملاء لتكاليف تحول عالية إذا اختاروا التعامل مع منافس جديد، وبالتالي لا يضطر المنافس إلى إنتاج منتج أرخص فقط، بل عليه أن يُنتج منتجاً أرخص من منتج منافسه وتحمل تكلفة التحول، إضافة إلى الوقت والجهد المبذوليْن.

 

متانة الخنادق الاقتصادية

يُشدد وارن بافيت على أن وجود خندق اقتصادي ليس كافياً، فمتانة الخندق أمرٌ بالغ الأهمية. ولا يقتصر الأمر على تحديد نقاط القوة الحالية للشركة، بل يتعلق أيضاً بتوقع مدى صمودها في مواجهة ضغوط المنافسة وظروف السوق المتغيرة.
وهذه المتانة ترتكز إلى:

  • عمر الميزات: هل ستدوم الميزات لخمس سنوات، أو عشر سنوات، أو عشرين سنة؟
  • عناصر القوة الرئيسية: ما هي العناصر الأساسية التي تُحافظ على الخندق؟
  • الاستمرارية: ما مدى استقرار هذه العوامل؟
  • الاعتماد على الإدارة: هل يعتمد الخندق بشكل كبير على القيادة الحالية؟
  • نزاهة الإدارة: هل سيستغل قادة الشركة الخندق لتحقيق مكاسب شخصية أو ربما سيتخذون قرارات خاطئة؟

 

إقرأ أيضا:ما هي الفوبيا من الوظائف الجديدة وكيف تؤثر على الفرد؟

دور الإدارة

في حين أن الخندق الاقتصادي القوي يوفر للشركة مزايا تنافسية، إلا أن فعالية هذا الخندق تعتمد إلى حد كبير على جودة إدارة الشركة، كما يوضح بافيت.
ووفق مقال موقع Investopedia، حتى أقوى الخنادق يمكن أن تفشل بسبب قرارات قيادية سيئة، بينما يمكن في المقابل للإدارة الاستثنائية أن تعزز الخنادق القائمة وتوسعها، أو حتى تُنشئ خنادق جديدة.
وهذه، وفق المقال، بعض أساليب الإدارة التي يمكن أن يكون لها تأثيرات متفاوتة على الخندق الاقتصادي للشركة:

  • القيادة الرؤيوية: يُعرف بعض القادة بقدرتهم على توقع الاتجاهات المستقبلية وتحديد موقع شركاتهم وفقاً لذلك. يمكن أن يساعد هذا النهج في إنشاء خنادق تكنولوجية أو قائمة على العلامة التجارية والحفاظ عليها.
  • التميز التشغيلي: يبني الرؤساء التنفيذيون وفرق الإدارة خنادق شركاتهم من خلال التركيز الدؤوب على الكفاءة التشغيلية وإدارة التكاليف.
  • الإدارة المتمحورة حول العميل: يمكن للقادة الذين يُعطون الأولوية لرضا العملاء إنشاء خنادق قوية قائمة على خدمة العملاء.
  • القيادة المرتكزة على الابتكار: هذا المصطلح يُطلق على فرق الإدارة التي تُركز على التقدم المستمر في منتجاتها، والذي يُمكن استدامته على المدى الطويل.
  • الإدارة المالية: يُمكن للمديرين الذين يُخصصون رأس المال بحكمة، ويُعيدون الاستثمار في الأعمال التجارية بدلاً من السعي وراء مكاسب قصيرة الأجل، أن يُعززوا المكانة التنافسية للشركة بمرور الوقت.

 

القدرة على البقاء والتفوق

يشير موقع Business insight، المختص بريادة الأعمال والمواضيع الاقتصادية، إلى أن الخندق الاقتصادي مهم؛ لأنه يساعد المستثمرين على التمييز بين الشركات ذات النمو المؤقت وتلك التي تمتلك قدرة حقيقية على البقاء وتحقيق الأرباح في وجه التحديات السوقية. ويؤكد الموقع أن امتلاك خندق اقتصادي لا يعني التفوق فقط، بل القدرة على الاستمرار في التفوق.
أما موقع gainify، المختص بأبحاث السوق والمعلومات الاستثمارية والمفاهيم الاقتصادية، فقد أشار في مقال مفصل حول هذا المصطلح إلى أن مقصد بافيت واضح جداً، فالعوائد المرتفعة تجذب المنافسة وبدون خندق متين، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تآكل الأرباح بسرعة. أما بوجود خندق متين، فيمكن للشركة الاستمرار في تحقيق نتائج ممتازة مع الحفاظ على تفوقها على منافسيها. وبالنسبة للمستثمرين، يُترجم هذا إلى أداء أكثر قابلية للتنبؤ، واستدامة، وانخفاض في أخطار التراجع مع مرور الوقت.

 

 

لمتابعة صفحتنا على الفيس بوك هنا

لمتابعة صفحتنا على انستجرام  هنا

لمتابعة صفحتنا على اكس هنا

لمتابعة صفحتنا على واتس اب هنا

لمتابعة صفحتنا على ثريدز هنا

لمتابعة صفحتنا على تلجرام هنا

لمتابعة صفحتنا على لينكد هنا

لمتابعة صفحتنا على pinterest هنا

 

 

شارك أصدقائك الخبر
السابق
وظائف أكاديمية في جامعة الزرقاء
التالي
وظيفة مشرف عمليات في عمان | مجموعة ميناكوم